حـــكم النظرة الشـــرعية للمخطوبين في الدين الاسلامي
لا شك أنه يشرع
للخاطب والمخطوبة أن ينظر
كل منهما إلى الآخر فيما يظهر
منها غالباً بين محارمها ، كالشعر والوجه والكفين واليدين ونحو ذلك ، وتخرج إليه بملابسها
العادية دون تبذل أو تبرج ممقوت ، أو بملابس ضيقة فاضحة ومجسمة للجسم كالفخذين والنهدين
ولا تتطيب ولا تكتحل ولا تضع شيئاً من الزينة على وجهها وتسرح شعرها
تسريحاً معتدلاً بحيث لا يظهر مخالفاً لطبيعته وخلقته ، قال
ابن قدامه في المغني : لا نعلم
بين أهل العلم خلافا في إباحة النظر
إلى المرأة لمن أراد نكاحها ،
وقد روى جابر قال: قال رسول الله r ( إذا خطب أحدكم
المرأة , فإن استطاع أن ينظر
إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل
قال : فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها, حتى رأيت منها ما دعاني
إلى نكاحها فتزوجتها ) رواه أبو داود ، ولأن النكاح عقد يقتضي التمليك فكان
للعاقد النظر إلى المعقود عليه , ولا بأس بالنظر إليها بإذنها وغير إذنها لأن
النبي r أمر بالنظر وأطلق ، وفي حديث جابر ( فكنت أتخبأ
لها ) ، وفي حديث عن
المغيرة بن شعبة أنه استأذن
أبويها في النظر إليها , فكرها فأذنت له المرأة رواه سعيد ، ولا
يجوز له الخلوة بها لأنها محرمة ولم يرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور, فإن
النبي r قال ( لا يخلون رجل
بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ) ، ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة ولا
لريبة قال أحمد في رواية صالح ينظر إلى الوجه ولا يكون عن طريق لذة وله أن يردد النظر إليها , ويتأمل محاسنها لأن المقصود
لا يحصل إلا بذلك ، ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها وذلك لأنه
ليس بعورة وهو مجمع المحاسن , وموضع النظر ولا
يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة ، وحكي عن الأوزاعي أنه ينظر إلى مواضع اللحم ، وعن داود أنه
ينظر إلى جميعها لظاهر قوله
عليه السلام ( انظر إليها
) ، ولنا قول الله تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) ، وروي عن ابن عباس أنه قال: الوجه
وباطن الكف ولأن النظر
محرم أبيح للحاجة , فيختص بما
تدعو الحاجة إليه ، فأما ما يظهر غالبا سوى الوجه كالكفين والقدمين ونحو ذلك ,
مما تظهره المرأة في منزلها ففيه روايتان : إحداهما
: لا يباح النظر إليه لأنه عورة لقول النبي r ( المرأة عورة )
حديث حسن ، ولأن الحاجة تندفع بالنظر إلى الوجه فبقي ما عداه
على التحريم ، والثانية : له النظر إلى ذلك ، قال أحمد في رواية حنبل : لا بأس أن ينظر إليها , وإلى ما يدعوه إلى نكاحها من
يد أو جسم ونحو ذلك ، قال أبو
بكر: لا بأس أن ينظر إليها
عند الخطبة حاسرة ، وقال الشافعي : ينظر إلى الوجه والكفين ووجه
جواز النظر ما يظهر غالبا أن النبي r لما أذن في النظر إليها من غير علمها , علم أنه أذن في النظر إلى
جميع ما يظهر عادة إذ لا
يمكن إفراد الوجه بالنظر مع
مشاركة غيره له في الظهور ولأنه يظهر غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه
ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع فأبيح النظر منها إلى ذلك (1) ، قال محمد
بن أحمد بن رشد الشهير بالحفيد :
وأما النظر إلى المرأة عند
الخطبة ، فأجاز ذلك مالك إلى الوجه والكفين فقط ؛ وأجاز ذلك غيره إلى
جميع البدن عدا السوأتين ؛ ومنع ذلك قوم على الإطلاق ؛ وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين ، والسبب في
اختلافهم أنه ورد الأمر بالنظر
إليهن مطلقا ، وورد بالمنع
مطلقا ، وورد مقيدا : أعني بالوجه والكفين على ما قاله كثير من
العلماء في قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) إنه الوجه والكفان ،
وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء(1) ، وفي الكافي لابن حنبل : ومن
أراد نكاح امرأة ، فله النظر إليها ، لما روى جابر قال : قال رسول الله r ( إذا خطب أحدكم امرأة ،
فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل
) رواه أبو داود ، وينظر إلى الوجه ، لأنه مجمع المحاسن ، وموضع النظر ، وليس
بعورة ، وفي النظر إلى ما يظهر عادة ، من الكفين
والقدمين ، ونحوهما ، روايتان :
إحداهما : يباح ، لأنه يظهر
عادة ، أشبه الوجه ، والثانية ، لا يباح لأنه عورة ، أشبه ما لا يظهر، ولا يجوز
النظر إلى ما لا يظهر عادة ، لأنه عورة ، ولا حاجة
إلى نظره ، ويجوز النظر إليها بإذنها ،
وبغير إذنها ، لأن النبي r أطلق النظر ، فلا يجوز تقييده ، وفي حديث جابر قال : فخطبت امرأة ، فكنت أتخبأ لها حتى
رأيت منها ، ما دعاني إلى
نكاحها فتزوجتها ، وليس له الخلوة بها ، لأن الخبر إنما ورد بالنظر، فبقيت
الخلوة على أصل التحريم (2) ، وجاء في الموسوعة الفقهية
الكويتية : ذهب الفقهاء إلى أنّ
من أراد نكاح امرأة فله أن ينظر
إليها ، لكنّ الفقهاء بعد اتّفاقهم على
مشروعيّة نظر الخاطب إلى
المخطوبة اختلفوا في حكم هذا النّظر فقال الحنفيّة والمالكيّة
والشّافعيّة وبعض الحنابلة : يندب النّظر للأمر به في الحديث الصّحيح مع تعليله بأنّه ( أحرى أن يؤدم
بينهما ) أي تدوم المودّة
والألفة ، فقد ورد عن المغيرة
بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال ( خطبت
امرأةً فقال لي رسول اللّه rأنظرت إليها ؟ قلت : لا ، قال : فانظر إليها فإنّه أحرى أن يؤدم بينكما ( ، والمذهب عند الحنابلة أنّه يباح لمن أراد خطبة
امرأة وغلب على ظنّه إجابته نظر ما يظهر غالباً ، قال في الإنصاف : ويجوز لمن أراد خطبة امرأة النّظر ، هذا هو
المذهب ، وذلك لورود الأمر
بالنّظر بعد الحظر ، في حديث
المغيرة بن شعبة ، وحكم نظر المرأة المخطوبة إلى خاطبها كحكم نظره
إليها لأنّه يعجبها منه ما يعجبه منها ، بل هي
كما قال ابن عابدين
أولى منه في ذلك لأنّه يمكنه
مفارقة من لا يرضاها بخلافها
(3) ، وقال
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في
الشرح الممتع : إن ظاهر السنة
أن النظر إلى المخطوبة سنة ؛ لأن النبي r أمر به وقال ( إنه أحرى أن يؤدم بينكما ) ،
أي : يؤلف بينكما
طريقة النظر للمخطوبة
قال الشيخ ابن جبرين
رحمه الله في شرح سنن الترمذي : عندما يرغب أن يتزوجها فإن له أن ينظر إليها ، ثم
هذا النظر هل يكون بإذنها أو بغير إذنها ؟ فيه خـــلاف :
القول
الأول : النظر بالخفية ( سرا )
قال الشيخ : الرواية
عن جابر رضي الله عنه أنها بغير إذنها ، لما سمع بذلك يقول : جعل يتخبأ لها ، ويستخفي قريبا منها حتى نظر
إليها وهى غافلة ، ولم تشعر أنه
ينظر إليها ، فنظر ما دفعه إلى
الإقدام وعدم التوقف ، فهذا دليل على أنه لا يكون بإذن بل يكون خفية 0
القول
الثاني : بعلمها أو علم محارمها
قال الشيخ : أنه يكون
بإذنها ، وبطلب من وليها ؛ بأن
يقول له : إن الشرع أباح لي أن
أنظر إليها ما دمت راغبا ، فأريد أن تبرز لي وأنظر إلى ما يدفعني
إليها إن قبلت وإلا فابنتك لك ، ويكون هذا في غير خلوة بأن تأتي إليه ومعها أحد محارمها كأبيها وأخيها وعمها أو خالها (1)
أولا : النــظر المباشــر
الإمام مالك يشترط
إذن المخطوبة ، ذكره ابن حجر في الفتح
وغيره وضعف هذه
الرواية الإمام مسلم في شرحه على مسلم , و
ذكر قول آخر لمالك أنه قال : قال مالك : أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة (2) ، وقال الشافعي رحمه الله : وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة
، وينظر إلى وجهها
وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير
إذنها (3)0
ثانيا : النـــظر ســرا
دلت الأحاديث على
جواز الرؤية بلا علم المخطوبة سواء قبل الخطبة أو بعدها ، فقد أورد الشيخ محمد
ناصر الدين الألباني رحمه الله بعض الأحاديث الصحيحة الدالة على نظر الخطيب
لمخطوبته دون علمها ومنها قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا خطب أحدكم
امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته وإن
كانت لا تعلم ) ، وعن محمد بن سلمة قال ( خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها في نخل لها فقيل له أتفعل هذا
وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليـــــه
وسلم فقال سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم
يقول إذا ألقى الله
فيقلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر
إليها ) ، وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما )
، و عن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم (
إذا خطب أحدكم
المرأة فإن استطاع أنينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ، قال فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني
إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها )(1)(2)
، وعن جابر بن عبد الله قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم (
لا جناح على أحدكم إذا أراد أن يخطب المرأة أن يغترها فينظر إليها فإن رضي نكح وإن
سخط ترك ) (3) ، وذهب الإمام أحمد و
الإمام الشافعي و الإمام مالك أنه
يجوز النظر إليها دون إذنها
ورجحها الجزيري في الفقه على المذاهب الأربعة والنووي في شرحه لمسلم و
بن قدامه في المغني و المناوي في فيض القدير والحجاوي في الإقناع والشوكاني في
النيل والشيخ البسام حيث نقل من نيل المآرب القول بعدم اشتراط الإذن وسكت و لم يذكر
غير هذا النقل و هذا يكثر من في شرحه على بلوغ المرام و يفهم منه إقراره لهذا القول والشيخ
العثيمين رحمه الله
في شرح الممتع على زاد
المستقنع (4) ، وقال الشافعي
رحمه الله : وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها
حاسرة ، وينظر إلى وجهها
وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير
إذنها (5) ، وقال ابن حجر: قال الجمهور : يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير
إذنها (6) ، وقال ابن قدامه : ولا بأس
بالنظر إليها بإذنها وغير إذنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالنظر وأطلق وفي حديث جابر ( فكنت أتخبأ لها ) (7) ، وقال
الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني في السلسة الصحيحة (1 / 156) مؤيدا ذلك (
أي النظر بلا علمها ) : ومثله
في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( وإن كانت لا تعلم ) وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم ، عمله مع سنته صلى الله
عليه وسلم ومنهم محمد بن
مسلمة وجابر بن عبد الله ، فإن
كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها أ.هـ (8)
ثالثا : النظر عبر الوسائل الحديثة ( الماسنجر وغيره )
أولا
: الصورة الفوتوغرافية
اختلف علمائنا رحم الله
ميتهم وحفظ من هم على قيد الحياة إلى قولين :
الأول
: الجواز
يشترط من أجاز الرؤية
عبر الصورة الشروط التالية :
1- أن تكون الصورة محتشمة
وبالحجاب الشرعي
2- أن تكون مطابقة للواقع
بدون تبييض أو تلوين وغاير للواقع
3- إعادة الصورة بعد
انتهاء الغرض منها 0
4- أن يكون الخاطب صادق في
طلبه 0
5- أن يكون الخاطب ذو أخلاق فاضلة 0
6- أن لا ينظر إليها نظرة
استمتاع وتلذذ بل لمجرد معرفة المخطوبة 0
ففي موقع الإسلام أون
لاين : والصورة تأخذ حكم أصلها ( أي الرؤية ) ، وهو الإباحة فمن الممكن تمكين
الخاطب من رؤية صورة من أراد أن يخطبها ، أمَّا عن
الاحتفاظ بصورة المخطوبة فقد قال فيه فضيلة الدكتور رفعت فوزى عبد المطلب رئيس قسم
الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم- جامعة القاهرة : لا يجوز الاحتفاظ بصور المخطوبة ؛ لأنها تعتبر قبل العقد أجنبية عنك
حتى يتم العقد ، فيجوز لك ما لا يجوز قبل ذلك ، بالنظر إليها والجلوس معها ، حتى
من غير وجود محرم ، فهذا كله يجوز بعد العقد ولا يجوز قبل العقد (1)
1- بداية المجتهد ونهاية المقتصد كتاب النكاح
2- الكافي في فقه الإمام أحمد
3- الموسوعة الفقهية
4- الشرح الممتع لابن عثيمين
1- موقع الشيخ
http://www.ibn-jebreen.com/book.php?cat=7&book=197&page=7123
2- راجع منتديات الإمام الآجري
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=431
3- الحاوي الكبير 9/34
1- صحيح أبو داود رقم 1832 و 1834
2- راجع السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني رحمه الله
3- رواه أبو داود واللفظ لعبد الرزاق في المصنف
4- راجع منتديات الإمام الآجري
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=431
5- الحاوي الكبير 9/34
6- فتح الباري لابن حجر 9 / 157
7- المغني كتاب النكاح
8- الإسلام سؤال وجواب http://islamqa.com/ar/ref/2572
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق